#تعايشت

كثر الحديث هذه الأيام عن مصطلح العياش وهناك من استاء من استعماله في وصف المساندين للمخزن، بل ذهب أحد الصحافيين إلى وصف نفسه بأنه” عياش وافتخر”  بعدما استعملت أبواق مخابرات الجزائر و الشيات نفس المصطلح لوصف ظاهرة  السليمي و قد أطلق هذا المصطلح على مجموعة من الصحافيين المخبرين لدرجة أنهم أدرجوه في تقديم برنامجهم لجلسات ودردشات تعايشت بالعالي. ولكن لمعرفة المزيد عن أصل وتطور مصطلح تعايشت ومشتقاته من العياشة و العياش و العيوش و من تم تعريفه ووصف سلوك العياش، لابد ان نرجع الى سنة 2011. 

منذ انطلاق شرارة الربيع الأمازيغي و العربي في منطقة شمال افريقيا و دول المشرق العربي ظهرت عدة مصطلحات و مفاهيم أطلقها النشطاء السياسيين و أصبحت متداولة لدى عامة الناس من أجل توصيف ظاهرة الهجوم على الثورات و الانتفاضات الشعبية في كل بلد من طرف مجموعة من الناس الذين يدافعون عن الأنظمة المتساقطة. فظهر مصطلح البلطجية في مصر خصوصا بعد موقعة الجمل التي استعمل فيها النظام المصري بعض الناس الذين كانوا  يركبون الجمال للهجوم على المتظاهرين في ساحة التحرير. او في سوريا ظهر مصطلح الشبيحة  و الذي كان الثوار يستعملونه لوصف سلوك المدافعون على جرائم نظام بشار الأسد . في الخليج استعمل الناشط السياسي و الاعلامي عمر عبد العزيز مصطلح  الوطنجية لوصف المتزلفين و المتملقين  للحكام في الخليج. في ليبيا استعمل الثوار مصطلح  الكانيات وهو مصطلح أطلقه النشطاء السياسيين لوصف العصابات المجرمة التابعة لحفتر و الكاني التي اقترفت مجازر في حق الليبيين. كما ظهرت على السطح مؤخرا  مليشيات قيس سعيد الإليكترونية وهو وصف للسلوك السياسي للداعمين للانقلاب قيس سعيد على الدستور. أما في الجزائر فقد ابدع نشطاء الحراك في وصف المتزلفين للنظام العسكري في الجزائر بوصفهم بـ الشياتة هو مصطلح يرمز إلى الشيتة وهي كلمة امازيغية تعني الفرشاة المستعملة الصباغة و دلالتها أن من يقوم بالتشيت فإنما يقوم بتزيين واجهة النظام القبيحة بصباغة  من اجل اخفاء عيوب النظام. 

 أما مصطلح العياشة او تعايشت الذي ظهر خلال  حركة عشرين فبراير لوصف الذين كانوا يهاجمون حراك عشرين فبراير وخصوصا مجموعات مناوئة للحراك و مقربة و ممولة من المخزن. وكانت هذه المجموعات في كل خرجة لحراك عشرين فبراير  تخرج لمضايقة الحراك تحت أعين البوليس. فجاءت حصلت هذه المجموعات على ترخيص لتأسيس جمعية تسمى الشباب الملكي وتنظيم مظاهرات مساندة للمخزن و القصر وبالرغم أن حراك عشرين فبراير لم يرفع شعار سقوط الملكية أو النظام كما في العديد من الدول. كانت هذه المجموعات  ترفع صور الملك والأعلام الوطنية والتحف بها من أجل أن تعطي الانطباع أنها وطنية وهمها هو الحفاظ على الدولة من الانهيار. و الغريب انها كانت  تصيح ب عاش الملك من أجل التشويش على مطالب حراك عشرين فبراير التي كانت تطالب بالإصلاح السياسي و سقوط الاستبداد و الفساد، وكان لسان حالهم يقول ان الملك مقترن بالفساد ولهذا أطلق النشطاء هذه المصطلح على كل من كان يقوم بالتشويش على الحراك. 

لكن لفهم السلوك العياشي لابد أن نستحضر تاريخيا  الثنائية التي تهيمن على  أي صراع سياسي في المغرب. اذ ان كل مرحلة تاريخية تتميز بصراع بين المنادين بالإصلاح السياسي و المنادين بالمحافظة على  الأوضاع كما هي و التماهي مع فساد السلطة تحت ذريعة الاستقرار و في هذا الإطار يذكر الاستاذ نورالدين الأشهب الزاوية العياشية و التي تزامن ظهورها مع سيطرة الزاوية الدلائية على مقاليد الحكم  وسط المغرب بعد ضعف سلطة السعدين. ويضيف ورغم أن الزاوية العياشية لا علاقة لها ب تعايشت الحالية إلا أن حضور هذا اللقب وتماهي من يحمل هذا اللقب مع السلطة المتغلبة ربما مهد لظهور هذا المصطلح الجديد. وبالرغم من عدم وجود أي علاقة بين مصطلح العياشة و الزاوية العياشية، لكن الدارس ل تعايشت لابد أن يلاحظ أن مجموعة من العائلات التي تحمل هذا اللقب تتواجد في مربع السلطة بل إن بعض هذه العائلات معروفة بقربها من القصر و تعمل جاهدة من أجل استطالة أمد الفساد البنيوي و الاستبداد السياسي لأنها تستفيد من هذا الوضع. 

 وختاما إن ما يميز مصطلح العياشة هو أنه لأول مرة في التاريخ بعد خروج الاحتلال من أراضي المغرب، يتمكن المعارضون للنظام و النشطاء السياسيون   من إلصاق مصطلح يشكل استفزازا للمطبلين للسلطة المستبدة بل وصل بهم اليأس الى حد المطالبة بعدم استعماله لوصف المطبلين للنظام المستبد و يمكن فهم هذا في إطار موازين القوى و خصوصا تمكن النشطاء من استعمال وسائل التواصل الاجتماعي من نشر المصطلحات. 

Leave a Reply

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s

%d bloggers like this: